
عندما يُدان المظلوم… قضية تفتح باب العدالة للرجال أيضاً
عندما يُدان المظلوم… قضية تفتح باب العدالة للرجال أيضاً ...
سُطِّرت بقلم ✍ ... المستشار القانونى / د. علاء نصر
في الوقت الذي تعج فيه ساحات القضاء بقضايا الأحوال الشخصية، تبرز قضية تكشف عن خلل عميق في فهم روح العدالة وتطبيق نصوص القانون على واقع العلاقات الأسرية. قضية موكلنا د / علاء نصر المستشار القانونى الأول ، هو مواطن عربي لجأ إلى القضاء هاربًا من العنف الجسدي الذي تعرض له على يد زوجته، لم تكن مجرد نزاع عائلي، بل كانت صرخة رجل في وجه التحيز الصامت.
الزوج، وبعد سنوات من زواج أثمر ثلاث بنات، لم يكن يتخيل أن يُضرب، ويُهان، ثم يُطالب بأن يدفع "نفقة متعة" لمن أوقع به الأذى.
لقد لجأ إلى المحكمة بطلب التطليق للضرر، وهو حق كفله له قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي أجاز للزوجين معًا طلب الطلاق إذا استحال دوام العشرة بسبب الضرر.
وقد قضت المحكمة بطلاق الزوج طلقة بائنة للضرر الواقع عليه، وألزَمته – كما هو متوقع – بنفقة البنات، ومؤجل الصداق، وإيجار المسكن، وأجرة الحاضنة والخادمة، بينما رفضت مطالب الزوجة بنفقة المتعة والعدة وأثاث المسكن، وهو حكم يُفهم من سياقه أنه أنصف من ظُلِم.
إلِّا أن المفاجأة جاءت من محكمة الاستئناف ، التي ألغت قرار محكمة أول درجة في شق نفقة المتعة، وألزمت الزوج بدفعها، رغم أن الطلاق لم يقع بإرادته المنفردة، بل استند إلى حكم قضائي يؤكد أن الزوجة هي المخطئة.
ومن هنا يبدأ الاعتراض القانوني الجوهري الذي تقدمنا به أمام المحكمة الاتحادية العليا، حيث أوضحنا – بصفتي الممثل القانوني للزوج – أن الفقرة القانونية التي تتيح للزوجة المطالبة بنفقة المتعة، تشترط بوضوح أن يكون الطلاق بإرادة الزوج المنفردة، ومن دون طلب منها. أما إذا كانت هي المتسببة في الضرر المؤدي إلى الطلاق، فلا وجه لاستحقاقها للمتعة، لأن الطلاق هنا لا يُعتبر "منحة" من الزوج، بل قرار قضائي لوقف الضرر الواقع عليه.
إن التساهل في هذا النوع من القضايا لا يضر فقط بحقوق الرجل، بل يهدم التوازن العادل الذي وضعه القانون بين الزوجين. فتح الباب أمام الزوجات لاستخدام الإساءة كوسيلة للانفصال مع الاحتفاظ بكافة المكاسب المالية، يجعل من بعض النساء أدوات ضغط، لا شريكات حياة.
وفي هذا السياق، نؤكد أن اللجوء إلى القضاء لا يجب أن يكون فخًا لمن يطلب حقه، ولا ينبغي أن يُعامل الرجل كأنه دائمًا الطرف الأقوى والمُدان، فقط لأنه الطرف الذي يملك الطلاق. فهناك حالات – كحالة موكلي – يتعرض فيها الزوج لضرر فعلي، نفسي وجسدي، ويطلب الحماية القانونية، لا الانتقام ولا الهيمنة.
لقد أنصفت المحكمة الاتحادية العليا هذا المبدأ، حين رأت أن حكم الاستئناف أخطأ في فهم القانون وأخلّ بتطبيقه، مما استوجب نقض الحكم في هذا الجانب. وهو ما يعيد الثقة في عدالة القضاء، ويبعث برسالة واضحة مفادها: العدالة لا تفرق بين رجل وامرأة.. بل تنحاز لمن ظُلم، أيًا كان جنسه.
خاتمة
قضيتنا هذه ليست فقط انتصارًا لموكلي، بل هي إنذار قانوني لكل من يُسيء فهم النصوص أو يتعامل معها بانتقائية. وهي دعوة لفتح نقاش عميق حول قضايا الأحوال الشخصية من منظور أكثر إنصافًا، يُعيد التوازن للعلاقات الأسرية، ويمنح كل طرف حقه دون إفراط أو تفريط.
بقلم:
د. علاء نصر
الممثل القانوني للزوج
مكتب عبدالله المزروعى للمحاماة والاستشارات القانونية